لمحة تاريخية عن نشأة وتطور قيادة القوات الجوية
إن نشأة الطيران العسكري الجزائري لم يكن نتيجة ظرف منفرد أو معزول، وليست مبادرة من شخص واحد، ولكنها جاءت ضمن دراسة إستراتيجية شاملة تهدف إلى تطوير وتنويع أساليب الكفاح في جيش التحرير الوطني ضد المحتل الفرنسي. لقد جاءت من خلال تطبيق قرارات مؤتمر الصومام، المنعقد في 20 أوت 1956، حيث دعا إلى إعداد خطة بعيدة المدى تهدف إلى تشكيل جيش عصري متكامل
من 1958 – 1962:
تم إنشاء هيئة على مستوى قيادة الثورة من أجل استقبال الطلبة الجزائريين الذين التحقوا بصفوف جيش التحرير الوطني، حيث تم توجيه البعض منهم إلى بلدان شقيقة وصديقة مثل العراق، سوريا، مصر، الاتحاد السوفيتي سابقا والصين، وهذا من أجل متابعة تكوين طياري الطائرات و تقنيين في ميدان الطيران.
خلال هذه الفترة، بدأ جيش الاستعمار في إقامة خطي شارل وموريس بهدف عزل المجاهدين في الداخل وقطع الإمداد بالسلاح والذخيرة القادمة من البلدان الشقيقة. جاءت الفكرة إذن بتشكيل طياري النقل والحوامات بهدف تأمين تموين وإمداد جيش التحرير الوطني والتحضير للنواة الأولى للطيران العسكري .
من 1962 – 1970:
كان تكوين الأفراد واحدا من الانشغالات الكبرى لمسؤولي جيش وجبهة التحرير الوطنيين، في مطلع الاستقلال كان الطيران العسكري الجزائري يتوفر على نواة من الطيارين و تقنيي الطيران، الذين أسسوا القواعد الجوية الحالية كنظام للدفاع و لضمان سيادتنا على المجال الجوي وحرمة ترابنا الوطني، إلى جانب التشكيلات الأخرى للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني.
في هذا السياق، فإن مديرية الجو رأت النور وتأسست أولى الوحدتين الجويتين للجزائر المستقلة:
- أسطول من الحوامات تم اقتناؤه أثناء الثورة؛
- أسطول لطائرات القتال.
بفضل التجنيد المثمر، فإن مسؤولي تلك المرحلة قاموا بعملية إرسال مكثفة للمتربصين من أجل تلقي التكوين في بلدان شقيقة وصديقة، ريثما يتم إنشاء مدارسنا التكوينية الخاصة بنا والتي ستسمح لنا بالتكفل بتكوين و تدريب دفعات جد هامة في مختلف أصناف الطيران.
لهذا وفي سنة 1966، شهدت القاعدة الجوية بطفراوي بالناحية العسكرية الثانية إحداث مدرسة لضباط الجو حيث استقبلت أولى الطلبة الضباط من أجل تكوين الطيارين والتقنيين في الطيران. من هؤلاء، من يشرف لحد اليوم على قيادات أو يحتل مراكز مسؤولية هامة على مستوى قواتنا الجوية.
من 1970 – 1980:
تبعا للأحداث الهامة التي عرفتها هذه العشرية (تأميم المحروقات، صراع الشرق الأوسط و كذلك الخاص بالصحراء الغربية)، ارتأت القيادة السياسية اقتناء سلاح أكثر تطورا ومن آخر جيل، بهدف مواجهة مهمات أكثر تعقيدا، والقيام بإنشاء قواعد جديدة، من أجل الاستجابة إلى المتطلبات والاحتياجات الجديدة .
تجدر الإشارة إلى أن العشرية المذكورة شهدت إقحام المرأة في ميدان الطيران العسكري في تخصصاته المطابقة لتلك الخاصة بالرجال، مثل قيادة طائرات القتال التي تفوق سرعة الصوت.
من 1980 - إلى يومنا هذا
بالنظر إلى حجم المهام المسندة إلى الطيران العسكري وعلى غرار الجيوش المحترفة، قررت القيادة العليا فصل الدفاع الجوي عن الإقليم عن مديرية الطيران العسكري حيث تم في سنة 1986، تحويلها إلى قيادة القوات الجوية، بتنظيم أكثر ملائمة مع المهام الجديدة المستندة إليها.
يتشكل هذا التنظيم من الهيئات التالية:
- قيادة مركزية بقيادة أركان، مفتشية، أقسام الأسلحة، أقسام الدعم ومكاتب متخصصة؛
- قيادات الجو على مستوى النواحي العسكرية؛
- قواعد جوية، مدارس، مركز التدريب، مؤسسات الدعم، مؤسسات تجديد العتاد ووحدات الدفاع والحماية.
انطلاقا من سنوات التسعينيات، واصلت القوات الجوية عملية تطوير قدراتها التقنية والعملياتية من خلال تزويد أساطيلها الجوية بطائرات و تجهيزات أكثر تطورا، من أجل مواكبة التقدم التكنولوجي.
من جهة أخرى دفعت التحديات الجديدة والتزام الجيش الوطني الشعبي في مسار الحوار مع منظمة حلف الشمال الأطلسي أوتن وكذا التعاون مع الجيوش الأجنبية، قيادة القوات الجوية إلى إعادة النظر في جهازها التكويني من أجل تكييف أفضل للأفراد مع المحيط الجديد الذي سيعملون فيه.
وفي هذا الإطار، تم تزويد مدارس القوات الجوية بالوسائل البشرية والبيداغوجية المناسبة، من أجل تكوين مختصين قادرين على القيام بالمهام الموكلة إليهم، داخل الجيش الوطني الشعبي و/أو مع الجيوش الأجنبية.