العصرنة والإحترافية
تماشيا مع التطورات التنظيمية والتقنية التي تعرفها الجيوش العالمية، حرصت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي دوما على عصرنة قواتنا المسلحة حتى تكون في مستوى المهمة الوطنية المقدّسة المنوطة بها، حيث عرف مسار العصرنة والتطوير العديد من المراحل، يمكن القول بأنها بدأت فعليا سنة 1976 مع إدخال وسائل قتال متحركة في الجيش الوطني الشعبي لتصبح وحداتنا مجهزة بآليات ممكننة.
ولم تقتصر العصرنة على العتاد فحسب، بل شملت أيضا التنظيم والتكوين والتدريب، حيث تم إنشاء أركان الجيش الوطني الشعبي في 28/11/ 1984 وقيادة القوات البرية في 03/05/1986، كما شهدت سنوات الثمانينات أعمالا تنظيمية كبيرة مست مختلف القوات، انطلاقا من دراسة ميدانية عميقة تم استخلاصها خلال سنوات طويلة من العمل العسكري المتواصل، تم خلالها إدخال تحسينات نوعية على المورد البشري من حيث مستواه التكويني النظري والتطبيقي.
ومن هذا المنظور، أعيد تشكيل وهيكلة القوات بالحجم الذي يؤمن القيام بنشاطات عملياتية ترتكز على القدرات النارية والحركة المتناميين مع ضبط الميكانيزمات والقنوات الملائمة للقيادة والاتصال، وبذلك ظهر تشكيل وحدات قتالية من نوع الفرق التي تعتبر نموذجا بالنسبة للقوات البرية.

كما تم تنظيم قوام المعركة بتزويد القوات بمنظومات أسلحة جد متطورة إلى جانب الأجهزة الأخرى اللازمة لاستعمال وصيانة هذه المنظومات والتدرب عليها، كما عرف الجيش الوطني الشعبي في 27/10/1986 إنشاء القوات البحرية والقوات الجوية والمفتشية العامة للجيش ومندوبية الدفاع الشعبي، وفي سنة 1987 أعيد تنظيم عدة مديريات بوزارة الدفاع الوطني، كما تم في 05 ديسمبر 1988 إنشاء قيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، ليكتمل بذلك بناء الجيش الوطني الشعبي بهياكله وفروعه. وتبقى عملية تطوير قواتنا المسلحة وتدعيم قدراتها القتالية في جميع الاختصاصات تتصدر أولويات القيادة العليا للجيش، إلى جانب إرساء قاعدة صناعية متينة ومتنوعة للحيلولة دون الاعتماد على الخارج وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد، من خلال إقامة صناعة عسكرية جزائرية تتماشى وطبيعة والتحولات التي يعرفها الجيش الوطني الشعبي، وذلك بإنشاء مؤسسات ذات طابع صناعي وتجاري تابعة للجيش الوطني الشعبي حملت على عاتقها مهمة إقامة صناعة للدفاع وتلبية احتياجات الإسناد متعدد الأشكال وتعزيز قدرات الدفاع وتأهيله ونقل التكنولوجيا والتحكم فيها وتوطينها وتحديث تشكيلة المنتجات المصنعة والخدمات الموجهة للجيش الوطني الشعبي وللسوق الوطنية والدولية.

وهو ما جعل من الصناعة العسكرية اليوم جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الوطنية الشاملة والمتكاملة للاقتصاد الجزائري ومثالا يقتدى به بفضل المستوى الرفيع الذي بلغته مختلف المؤسسات والوحدات الإنتاجية والصناعية، التي أكدت مدى مساهمة المنتوج العسكري في الارتقاء بالاقتصاد الوطني من خلال منتوجات متنوعة ذات جودة عالية وبمعايير عالمية، على غرار قطاع النسيج والصناعة الميكانيكية الخفيفة والثقيلة والصناعة الإلكترونية نذكر منها:
القاعدة المركزية للإمداد الشهيد سعودي محمد المدعو سي مصطفى بالبليدة/ن.ع.1:
هذه المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، تهتم بتجديد العتاد الحربي لمختلف الوحدات العسكرية، بالإضافة إلى ضمان الدعم التقني للمؤسسات العمومية والخاصة، وتتميز بالقدرة على التصميم والإنتاج الكلي لقطع الغيار المختلفة مع دراسة تقنية شاملة.
المؤسسة الجزائرية لصناعة المركبات ذات علامة "مرسيدس بنز" الكائنة بتيارت/ن.ع.2:
تضطلع بإنتاج مركبات ذات العلامة مرسيدس بنز بالشراكة مع م ع ص ت مؤسسة تطوير صناعة السيارات/ودو، م.ع.إ الشركة الوطنية للسيارات الصناعية رويبة، آبار استثمار PJS الإمارات العربية المتحدة والشريك الألماني دايملر كشريك تكنولوجي.
الشركة الجزائرية لصناعة الوزن الثقيل من علامة مرسيدس بانز الكائن مقرها برويبة/ن.ع.1:
تهتم بتحديث وعصرنة مركب الإنتاج صونا كوم بالرويبة وتعمل بالشراكة مع م ع ص ت مؤسسة تطوير صناعة السيارات، م ع إ الشركة الوطنية للسيارات الصناعية /رويبة، الشركة الإمارتية آبار الشريك التكنولوجي دايملر/مرسيدس بنز.
الشركة الجزائرية لإنتاج المحركات ذات علامة ألمانية/ن.ع.5:
تعنى بإنتاج المحركات المبردة ذات علامة ألمانية بالشراكة مع مؤسسة ترقية الصناعات الميكانيكية، شركة المحركاتEMO-EPE.
مؤسسة الألبسة ولوازم النوم الشهيد الجيلالي بودرنان:
هي مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، حيث تشكل أحد الأعمدة الرئيسية لدعم الجيش الوطني الشعبي، وإنتاجها موجه أساسا إلى تلبية احتياجات القوات المسلحة والهيئات المدمجة، من حيث مواد الحماية، لوازم الألبسة، الأحذية، التخييم، لوازم النوم والأثاث، وأيضا دراسة وتطوير كل ماله علاقة بهذه المنتوجات.
مركز الهندسة والتطوير في الميكانيك والإلكترونيك الشهيد محمد بوجمعة/ن.ع.1:
يعتبر المركز الوحيد في مجال المعايرة ETALONNAGE الذي بإمكانه أن يقترح على زبائنه باقة واسعة من الخدمات تبلغ 142 معايرة قابلة للقياس، ليكون بذلك في المرتبة الأولى إفريقيا ووطنيا، حيث يمتلك 111 جهاز قياس
مؤسسة البناء والتصليح البحريين بمرسى الكبير/ن.ع.2:
قطب متميز للصناعات العسكرية و هي تعنى بمهمة أساسية وهي البناء، التصليح، الصيانة البحرية، سواء العسكرية أو المدنية، بما في ذلك الترميم وتوفير قطع الغيار المتعلقة بمجال البناء وحتى الدراسات التقنية. كما تمتلك في رصيدها عدد من المنتجات والإنجازات الهامة في جانب البناء العسكري على غرار السفينة الغراب الرايس حسان بربيار رقم المتن 807 التي يبلغ طولها 62 متر، وفي الجانب المدني نجد الزوارق الخدماتية من 14 متر و16 متر، التي سوقت بنجاح لشركات عمومية إلى جانب منتجات أخرى.
مؤسسة صناعة الطائرات الشهيد عابد بومدال بوهران/ن.ع.2:
هي مختصة في مجال صناعة الطائرات والأنظمة المعقدة ، حيث تنتج ثلاثة أنواع من الطائرات وهي (فرناس 142) موجهة للتكوين القاعدي للطيار سواء عسكري أو مدني وكذا (سفير 43) موجهة للنقل والمراقبة المرئية بالكاميرات، أما النوع الثالث فهي طائرة (سفير E43)خاصة بالفلاحة.
مؤسسة تجديد عتاد الطياران الشهيد سيد أحمد عبد العزيز بالدار البيضاء/ن.ع.1:
تضطلع بمراجعة وتصليح وإنتاج الطائرات والحوامات وعتادها، وهي تنتج العديد من أنواع قطع الغيار البسيطة والمعقّدة التي تدخل في تجديد العتاد.
مؤسسة تجديد عتاد السيارات الشهيد مولود تواتي بالدار البيضاء/ن.ع.1:
تقوم بتحديث وتصليح وعصرنة السيارات العسكرية والعتاد الحربي إلى جانب صناعة قطع الغيار، بما يلبي حاجيات ومتطلبات الجيش الوطني الشعبي.
كما تم التوقيع في 25 مارس 2019 على عقود تأسيس الشركة الجزائرية الإيطالية «LEONARDO Hélicoptères-SPA/Algérie»، وهي ثمرة تعاون بين شركة تطوير صناعات الطيران "EDIA" التابعة لمديرية الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني وشركات «LEONARDO-INTERNATIONAL» و « LEONARDO Hélicoptère » تجسيدا لبروتوكول اتفاق شراكة صناعية وتجارية، الممضى في 11 أوت 2016 والمتضمن انتاج حوامات من علامة "آڤوستا واستلاند"، بموقع عين أرنات بولاية سطيف.
المعلوماتية في الجيش
أولى الجيش الوطني الشعبي عناية هامة بتطوير استخدام المعلوماتية ابتداء من سبعينيات القرن الماضي، وهو يمثل شقا استراتيجيا لا يمكن فصله عن مسعى تطوير وعصرنة المؤسسة العسكرية، كونها تستخدم في كل السلاسل الوظيفية، سواء في القيادة و السيطرة أو الدعم اللوجيستي للقوات وفي مختلف إجراءات التسيير والإدارة.
تكتسي شبكات نقل المعلومات، على غرار الشبكة الداخلية للجيش Intranet، أهمية كبرى، حيث تسمح بتنشيط الاتصال وتبادل ومعالجة كم هائل ومتزايد من المعلومات ذات الطبيعة الرقمية بين مختلف هياكل الجيش الوطني الشعبي، لكن هذه الشبكات ليست بمنأى عن الأخطار والتهديدات التي من شأنها أن تعرّض سرية وسلامة الرصيد المعلوماتي للجيش إلى الخطر، وللاستجابة لهذه الإشكالية، أطلق الجيش الوطني الشعبي منذ سنوات، عبر مختلف مصالحه المختصة، مسعى شاملا لإرساء بيئة تقنية وتنظيمية قادرة على التكفل بهذا الشق الهام والحساس.
تعتبر اليقظة التكنولوجية الأمنية عنصرا حاسما آخر في مسار تأمين أنظمة المعلومات الخاصة بمؤسسة الجيش، ويندرج ذلك ضمن مسعى استباقي لمكافحة التهديدات المعلوماتية، حيث يشكل هذا المسعى الضامن الأوحد لأمن معلوماتي تفاعلي وفعال، من ناحية أخرى وباعتبار ميدان المعلوماتية يتميز بالتحولات والتطورات السريعة، فإن استخدامه قد أنتج أساليب عمل وتبادل معلومات جديدة، ما دفع بالجيش الوطني الشعبي إلى القيام تدريجيا بوضع الأطر التنظيمية والقانونية الملائمة لهذه المعطيات الجديدة.
وضمن هذه الحركية، حرصت قيادة الجيش على تشجيع نشاطات البحث والتطوير في المعلوماتية لتكون فعالة ومنتجة وقادرة على الاستجابة لمختلف الاحتياجات، وكل هذا يتم في تناغم مع السياسة الوطنية الرامية لترقية البحث العلمي والتقني وتطويره.