تاريخ الجيش الوطني الشعبي

المرأة في الجيش

    طيلة مسيرتها الضاربة في عمق التاريخ، كانت المرأة الجزائرية دائما في قلب التحولات التي شهدتها بلادنا، فسجلت اسمها بأحرف ناصعة، وكل حقبة من تاريخنا المجيد تحتفظ بأسماء بطلات أبلين أحسن البلاء وضحين بأعز ما يملكن من أجل الوطن ضاربات أروع الأمثلة في الشجاعة والفداء ونكران الذات.

    لم تكن المرأة الجزائرية يوما بمنأى عما شهدته بلادنا من أحداث، بل كانت على الدوام حاضرة في مسيرة الجزائر، فكانت الرافضة لاحتلال بلادها وقارعت المستدمر الغاشم خلال المقاومات الشعبية، ثم مجاهدة في الثورة التحريرية المجيدة حيث تولت أصعب المسؤوليات ونفّذت أخطر المهمات وكانت الزاد والوقود للثورة رغم كل ما تعرضت له من ممارسات وحشية وانتهاكات فضيعة، وهو الدور البطولي الذي أشاد به مؤتمر الصومام في 20 أوت 1956 : "إننا لنحيي بإعجاب وتقدير ذلك المثل الذي تضربه في الشجاعة الثورية، الفتيات والنساء والأمهات والزوجات، ذلك المثل الذي تضرب به جميع أخواتنا المجاهدات اللائي يشاركن بنشاط كبير بالسلاح أحيانا في الكفاح المقدّس في سبيل تحرير الوطن".

  

    لتستلم المشعل بعد ذلك بطلات أخريات في عهد الجزائر المستقلة فواصلن المسيرة بنفس العزيمة والوفاء، وساهمن في بناء وتشييد بلادنا وفي مواجهة كل الأزمات والمحن التي ألمّت بها خاصة خلال سنوات مكافحة الإرهاب، مواصلة في الوقت نفسه تأدية دورها في تربية وتكوين نشء متشبع بمبادئ وقيم مجتمعنا ومحافظ على ذاكرتنا الجماعية وعلى هويتنا الوطنية. وقد أثبتت المرأة الجزائرية كفاءتها وجدارتها في مختلف القطاعات من خلال اندماجها في كل أسلاك المهن لا سيما في قطاع الدفاع الوطني، حيث فتح الجيش الوطني الشعبي أبوابه واسعة أمام المرأة لتمكينها من أداء دورها الذي يعد امتدادا طبيعيا لدور أمهاتنا أثناء الثورة التحريرية المباركة، فعرفت كيف تجد مكانا لها بجانب أخيها الرجل، لتسهم في مسار تطوير وعصرنة الجيش الوطني الشعبي، مبرهنة بذلك استحقاقها ومثابرتها والتزامها في المهمة النبيلة المتمثلة في الدفاع عن الوطن وعن وحدته الترابية والشعبية، وهو نفس الإصرار الذي تحمله اليوم بناتنا شبلات الأمة اللواتي تحدوهن رغبة كبيرة في خدمة وطنهن وجيشهن وعزم أن يكن في مستوى تضحيات سالفاتهن اللواتي ستبقى مواقفهن البطولية دروسا تتوارثها بنات الجزائر جيلا بعد جيل.

التعاون العسكري الدولي
    يعد التعاون العسكري الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدولة الجزائرية وذلك بهدف إرساء علاقات سلام وحسن جوار مع كل مكونات المجموعة الدولية والحفاظ على هذه العلاقات في إطار المثل الإنسانية المشتركة.

    ضمن هذا المسعى، فإن الجزائر تولي عناية بالغة لتحقيق السلم وترقيته وتدعم حق الشعوب في التحرر والاستقلال السياسي وتدعو دوما للحوار والحل السلمي والعقلاني والعادل للنزاعات الداخلية والخلافات بين الدول، وهي المبادئ التي طالما دافعت عنها في المحافل الدولية على غرار الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

  
  
    إنّ الطابع العابر للدول والأوطان الذي تتميز به التهديدات الجديدة، يتطلب حتمية التعاون الإقليمي والدولي لمواجهتها، في هذا الصدد فإن للجيش الوطني الشعبي علاقات تعاون ثنائية مع مختلف جيوش الدول الصديقة والشقيقة، بما يعود بالفائدة على الجميع.

    أما على المستوى متعدد الأطراف، فالجزائر عضو في لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تم إنشائها في 21 أفريل 2010 والتي تضم (الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر )، كما تعد طرفا فاعلا في مبادرة "5+5" دفاع، التي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الحوض الغربي للمتوسط، وفي الحوار المتوسطي لمنظمة حلف شمالي الأطلسي (سنة 2000)، أما إفريقيا، فتعبر الجزائر عضوا هاما في منظمة الإتحاد الإفريقي وتساهم في مجال التعاون العسكري من خلال مجلس الأمن والسلم الإفريقي، كما شاركت مرات عديدة وبطلب من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وتحت إشرافهما في مهام حفظ السلام، نذكر بالخصوص: الكونغو، النزاع بين إريتريا وإثيوبيا، دارفور، أنغولا،بورندي، بالإضافة إلى هايتي وكمبودبا.

    بخصوص تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب، فإن الجزائر أضحت قبلة للمجموعة الدولية للنهل من تجربتها في هذا المجال، واستخلاص الدروس من خبرتها في مواجهة هذه الآفة المدمرة.

مساهمــة الجيـش في تعزيــز قـــيم التضـامن
    لم يقتصر دور الجيش الوطني الشعبي على معركتي البناء والدفاع، بل تعداه إلى المشاركة في الهبّات التضامنية الكبرى خلال مختلف الأزمات والملمات والكوارث الطبيعية التي أصابت بلادنا على غرار مشاركته في الذي ضرب منطقة الأصنام (الشلف حاليا) في 10 أكتوبر 1980 ، زلزال عين تموشنت سنة 1999، فيضانات "باب الوادي" في 10 نوفمبر 2001 ، زلزال بومرداس في 2003 و فيضانات غرداية 2008.

  

  

    كما شارك الجيش الوطني الشعبي بفعالية في فك العزلة عن المواطنين في المناطق المتضررة جراء تساقط الثلوج كلما دعت الحاجة إلى ذلك ولا يزال إلى غاية اليوم حاضرا كلما ألمت بالجزائر محن وأزمات.

  

    دون أن ننسى إسهامه في دعم الجهد الوطني لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد، تدفعه في ذلك روح المسؤولية النابعة من إيمانه العميق بقدسية العلاقة التي تربطه مع الشعب الذي ولد منه ونما في كنفه وهو واجب يندرج في صلب وجوده باعتبار أن الجيش والشعب نسيج واحد يتقوى ويتعزز ويشتد أزره أثناء الشدائد والصعاب، واجب تمليه الروابط الوجدانية العميقة والمتأصلة بين الشعب وجيشه والتي تتعمق باستمرار باعتبار أن الشعب هو أصل منبت الجيش يكمل كلاهما الآخر.